أخبار وطنية كفانا نفاقا: هـل هـذه الحكـومــة قـادرة علـى شــنّ حـرب وجــود؟
بقلم: محمد المنصف بن مراد
في السّنوات الأربع الأخيرة اهتمّت حكومة الترويكا بتدمير الدولة التونسيّة واختراق كل الوزارات وخاصّة الداخلية واهتمّ الرئيس المؤقت المرزوقي باستقبال المتشدّدين ولجان «تدمير الثورة» ونسخ السياسة الخارجيّة على سياسة قطر.. فعمّ العنف والارهاب والافلاس والتداين وكادت الدولة تنهار خاصّة وانّ معظم الانتدابات خضعت للمحسوبيّة وللانتماء لأحزاب الترويكا! أصبحنا شبه قبائل لولا وطنية الأغلبيّة السّاحقة من جنود وضباط جيشنا وصمود الأمن الجمهوري ويقظة الإعلام الرّافض للفاشية الدّينية واتحاد الشغل وحرائر تونس اللاتي تظاهرن..
واليوم وبعد الانتخابات وفوز حزب نداء تونس والسيد الباجي قايد السبسي يبدوانّ الأمور لم تتغيّر كثيرا لأنّ الحاكمين في البلاد غير واعين بما فيه الكفاية بالأخطار الارهابيّة وكأنّ حكومتنا هي حكومة تسيير أعمال تتحكّم فيها التوازنات بين النهضة والنداء والتي فرضتها الاستراتيجيّة الأمريكيّة التي تريد ادماج الإسلام السياسي في قلب الحكومات العربيّة وذلك دفاعا عن مصالحها الاقتصاديّة وحماية اسرائيل ولم لا تدمير ما يمكن تدميره من البلدان العربيّة حتى تصبح من جديد شبه صحراء قاحلة تتحكّم فيها حكومات ضعيفة تحمي آبارالنفط وبرامج البنك الدولي.. هذا ربما كاريكاتور ولكنه كاريكاتور يشبه الواقع المرير..
ونظرا إلى انّ الحكومة الموقّرة لم تبرز حزما كبيرا في التعاطي مع ملفّ الارهاب ولم تقص المندسّين في السلك الأمني وفي كل مؤسّسة مهتمّة بالدّفاع عن تونس فإنّ بلادنا في خطر وستمرّ بمرحلة دامية وخطيرة ما دامت حكومتنا ورئاستنا تفتقران للعزيمة الفولاذيّة للانتصار على الارهاب وفضّ أهمّ المشاكل الاقتصاديّة والاجتماعيّة والجهويّة!
مع التذكير بأني مع مشاركة النهضة في الحكومة شريطة ان يعيّن نداء تونس وزيرا أول من صلبه ويكون قويا جدا وعادلا وله رؤية استشرافيّة ووزير داخلية قويّا يقصي المندسّين ولا ينتقم ووزير دفاع لا ينام الاّ سويعات وهو يعدّ مع ضباطنا الوطنيين مخطّطات للقضاء على الارهابيين لكن حزب نداء تونس تخلّى عن مسؤولياته وسمح بتكوين حكومة هشّة!
ومع احترامي للسيد الحبيب الصّيد الذي أطالبه بتخصيص 50 ٪ من وقته ومجهوداته للسهر على اعداد الحرب على الارهاب دون إشراك المندسّين فانّ السلطة التنفيذية بما في ذلك رئاسة الجمهورية غير واعية بأنّ تونس في حالة حرب مع الارهاب الذي أصبح أكبر مشكل تمرّ به البلاد لأنّ الاقتصاد مرتبط أيضا بتهديدات وجرائم هذا الطاعون..
وهنا لابدّ من طرح بعض الأسئلة:
هل أنّ وزارة الداخلية بعد اختراقها من طرف بعض المتشدّدين الذين كانوا ولا يزالون في خدمة حزبهم أو في خدمة الارهاب قادرة على الانتصار (لا أقول التصدّي) نعم الانتصار على الارهاب؟ أجيب بالنفي لأنّ نداء تونس اختار وزيرا للداخلية ليس له أيّة علاقة بمكافحة الارهاب وليومنا هذا لم يقص المستشارين ولا المديرين الذين وقع التشكيك في خدمتهم لتونس دون سواها ولأنّه لم يفتح ملفّ الحرس الوطني الذي هو أيضا في حاجة الى تغييرات جذرية..
انّ المشكلة الكبرى تكمن في وجود ضباط وأعوان ممتازين قدّموا للوطن شهداء وهم عازمون على الانتصار وانقاذ البلاد وفي الآن نفسه يوجد صلب الوزارة مديرون مشكوك في ولائهم لتونس وحدها وحكومة غير صلبة. فلا يمكن القضاء على الارهاب إذا لم تكن القيادات من فولاذ وهي تنفذ تخطيطات واضحة ولها امكانات كافية! وإذا لم تقع هذه التغييرات فانّ مسؤولية السيدين الحبيب الصيد والباجي قايد السبسي ستكون واضحة ولن ترحمهما عائلات من سيستشهد وعائلات المدنيين الذين سيقتلون! فالمطلوب تغييرات في وزارة الداخلية وتخطيطات وامكانات وعزيمة فولاذيّة!
أمّا على صعيد المخطّطات فالسؤال هو: هل أعدت الحكومة التونسيّة برامج لمحاربة الارهابيين وداعش؟ هل لنا تصوّرات للهجوم على داعش مهما كانت البلاد المجاورة التي تحتضنهم؟ هل لنا تصوّرات لنوعية الأسلحة التي يحتاجها الجيش للقضاء على داعش وأنصار الشريعة؟ هل تصوّرنا تحالفات جديدة يمكن تفعيلها عند بروز الأخطار؟ ما هي الانعكاسات على استقلال القرار التونسي إذا سمحنا ببعث قاعدة عسكرية أجنبية في الجنوب تتصدّى لداعش وأنصار الشريعة؟ هل ان الميزانية الحالية ستوفّر لوزارتي الدفاع والداخلية الأسلحة والتجهيزات التي تحتاجها هاتان الوزارتان؟ ما هي تكلفة جدار عازل بين تونس وليبيا؟ هل لنا مخطّط شامل للقضاء على الارهاب والتهريب والمندسّين في الوزارات؟
انّي على يقين أنه رغم ضعف الحكومة والشبهات في أقلية من القيادات داخل وزارة الداخلية فانّ ضباطنا وامننا الجمهوري سيخطّطون أحسن تخطيط للانتصار على الارهاب وسيقدّمون للحكومة طلباتهم حتى توفّر لهم المزيد من التمويل والمساندة..
انّ مصيبة السياسيين تكمن في عدم تصورهم للأخطار وللمستقبل وأحيانا لمصالح تونس.. وإذا لم تغيّر السلطة التنفيذيّة تعاملها مع الواقع فانّ تونس متجهة نحو كارثة...